N@7Oola Admin
عدد الرسائل : 259 العمر : 34 الموقع : http://asoor-princess.ahlamontada.neT المزاج : اسبريسو تاريخ التسجيل : 08/09/2008
| موضوع: الطفل ينطق مرتين الإثنين سبتمبر 08, 2008 2:01 pm | |
| عيسى
الطفل ينطق مرّتين
قال تعالى:{ فناداها من تحتها الا تحزني قد جعل ربك تحتك سريّا} مريم 24.
قال تعالى:{ فأشارت اليه قالوا كيف نكلّم من كان في المهد صبيا} مريم 29.
1. معجزة الحمل والميلاد
تأخرت مريم ابنة عمران عن صاحباتها يوما, فلما ذهبت تملأ جرّتها من الينبوع وجدت نفسها وحيدة, وأحست وحشة ورهبة, واضطرب جسمها فجأة, فشعرت بالخوف, وأقبلت على الماء مسرعة تردد أدعية الصلاة, واذا شاب قوي, وسيم الطلعة, جميل الهيئة, ينظر اليها كأنما خرج من الأرض.
خافت مريم, وأصابها الذعر, وتوقعت شرا ينزل بها فقالت:{ اني أعود بالرحمن منك ان كنت تقيّا}. مريم 18.
ذلك الشاب الجميل كان جبريل عليه السلام, فلما رأى جبريل عليه السلام انزعاجها قال لها:
{انما أنا رسول ربك اليك لأهب لك غلاما زكيا}. مريم 19.
احتارت مريم في أمره, وخافت أن يكون بشرا أراد بها سوءا, وأرادت الهرب, فهبط عليها الهام من من الله عز وجل, واذا هي واقفة بثبات واطمئنان, ثم رأت صفا من الملائكة عن يمينها, وصفا عن شمالها, فهدأت نفسها, وذهب خوفها.
قالت الملائكة:{ يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين} آل عمران 45.
قالت مريم متوجهة الى الله عز وجل:
{ رب أنّى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر} آل عمران47.
قال جبريل عليه السلام:
{ كذلك الله يخلق ما يشاء, اذا قضى أمرا فانما يقول له كن فيكون}.
تلقت مريم هذا النبأ العظيم بخوف وفرح, ان الملائكة تبشرها بولد يكون نورا وهدى للناس, ورسولا الى بني اسرائيل, يا له من شرف عظيم.
رفعت مريم رضوان الله عليها رأسها أمام جبريل عليه السلام وقالت: هأنذا أمة الله. ليكن ما يريد الله.
تقدّم جبريل عليه السلام, ونفخ في جيبها, ثم اختفى عنها مع الملائكة بعد أن وهبها وديعة القدّوس الأعلى.
أحيطت مريم العذراء بسر هائل, لم تعهده امرأة سواها من قبل فالجنين يتحرّك في بطنها, وأمرها صائر الى الفضيحة, وهي العذراء الصالحة التي عاشت عمرها طاهرة نقيّة.
لم تطق مريم البقاء بحالتها هذه في الناصرة, فأسرعت بالعودة الى جبال حبرون, لتكشف سرّها الى مثلها, تثق فيها, وتطمئن اليها, وتلاقت مريم مع خالتها "أليصابات" فألقت اليها بسرّها الرهيب و"أليصابات" خالة مريم وامرأة زكريا عليه السلام.
كانت أليصابات زوجة زكريا قد حملت هي أيضا, بعد أن استجاب الله لدعاء زوجها, فروت كل منهما قصتها وتحدّثتا بغرابة حملهما, وكانت "أليصابات" العجوز قد حملت بيحيى عليه السلام, ومكثت مريم وخالتها أليصابات معا ثلاثة أشهر في هذا البيت الهادئ على سفح الجبل وقد سمعت مريم وأليصابات وهما نائمتان على سرير واحد نداء سماويا ألهمهما أن الطفل عيسى ويحيى سيشتركان معا في اتمام القصد الالهي, ونزل هذا الخبر على قلبيهما بردا وسلاما.
وعادت العذراء المباركة الى الناصرة, وهي الفتاة الباسمة المشرقة, فقد أصبحت تعيش في عالم جديد أكثر اتصالا بالله, تفكر طويلا بفرح ممزوج بالخوف.
انتفخ بطنها, وبدأت تفطن الى الريبة التي تخامر قلوب المحيطين بها, فكانت تفكر في ذلك طويلا, وأخيرا استقرّ عزمها على أن تكشف سرّها الى ابن عمّها يوسف النجار, وكان أشد الناس برّا بها وحرصا عليها, فأرسلت له وألقت اليه بسرها الذي كان حملا ثقيلا عليها.
وقع هذا الخبر على يوسف, وقوع الصاعقة, فشك في أمرها, وهو أعلم الناس بعفتها وطهارتها, وعاد الى منزله, وأوى الى فراشه شارد الفكر مضطرب الفؤاد, فطار النوم من عينيه, وعصر الحزن قلبه.
وفي هدوء الليل هبط الوحي الالهي على ذلك الرجل المعذب والقلب الجريح, وأنبأه الحقيقة العظمى, فقام من نومه, وقد آمن بحقيقة مريم العذراء, وأسرع اليها في منزل عمتها ليعتذر لها عن ريبته وشكه فيها, ثم عرض عليها أن يضمها في بيته ليستر أمرها, ويحظى بشرف رعايتها كما يرعى الزوج زوجته.
أذعنت مريم لالحاح عمتها فقبلت هذا العرض وذهبت الى بيت يوسف, فأتمّت فيه مدّة الحمل.
لما صارت في الشهر التاسع, ورأى يوسف سوء حالتها, أشفق عليها, وبذل المستحيل ليخفي أمرها, ويمنع سوء القالة عنها, فقرّر السفر بها لتضع مولودها, بعيدة عن الناصرة وأهلها.
2. الطريق الى بيت لحم
أمر القيصر, وهو ملك بلاد الشام في ذلك الوقت, أمر بحصر عدد السكان, وكتابة أسمائهم في سجلات, وهدّد كل من يتخلف عن تدوين اسمه, وأسماء عائلته بالعقاب الشديد.
فسافر الناس من الشمال والجنوب الى القدس, لتدوين أسمائهم, فكنت ترى الطريق مزدحمة بالمسافرين.
مالت الشمس الى الغرب, واذا وقعت العين على ركب المسافرين, الذين جاؤوا من بلاد الجليل في الشمال وقد بدا عليهم أثر التعب, وأضناهم السفر الطويل تجد من بين هؤلاء المسافرين فتاة قروية هي مريم العذراء على دابة وقد أمسك بمقودها رجل هو يوسف النجار الذي كان يبدي اهتماما عظيما بها.
جاءا معا الى القدس, ليقيّدا اسميهما في سجلات المحاكم, ولعلهما أرادا الاختفاء عن قومها خشية الفضيحة, وقت الولادة.
اقترب الركب المبارك من "بيت لحم" وهي مدينة فلسطينية, وشعرت مريم بمقدمات الوضع, فمال يوسف النجار بها الى بيت لحم, وأنزلها بالقرب من كهف كبير, وقد استعمله الرعاة من قديم الزمان مربطا للماشية والأغنام, فجلست مريم بجوار جذع نخلة, وذهب ابن عمها الى القدس, ليستأجر لها مكانا خاليا, وما كان هناك مكان يصلح لراحة حبلى في شهرها الأخير, لكثرة الوافدين على المدينة في هذا الوقت.
فما كان منه الا أن أخذها الى مكان خال بجوار نخلة يمر من تحتها جدول صغير من الماء.
3. الميلاد والمعجزة
كانت مريم العذراء وحيدة هناك بجوار النخلة, انها نخلة معمّرة, وأمامها جدول صغير من الماء العذب يسري ماؤه, فقاست مريم حرارة الوحدة وقت الولادة, وأجاءها المخاض الى جذع النخلة, فوضعت ابنها البكر, وقامت الى الجدول وغسلته وقمّطته, ثم اتجهت به الى الكهف, وفي هذا المكان الهادئ نام المسيح نومته الأولى, ودخل الى العالم بهذه الصورة المتواضعة كما يدخل أي مولود عادي من عامة الناس, وقد استقبلته السماء بمظاهر الترحيب والبشر, فشع نور على مهد هذا الوليد المبارك, وكانت أمه بعد هذا المجهود الشاق قد استسلمت لضعف ألمّ بها, فرأت مظاهر الحفاوة والتكريم لهذا المولود, وسمعت ترتيل الملائكة الذين جاؤوا يحفون بالمولود الجديد, يسبّحون ويهللون ويهتفون بالتحية لمولده, وشاهدت هذا النور الذي انبثق من السماء الى الأرض, يعلن لملايين البشر فجر الخلاص من الظلم والاستبداد, وظلام الجهل والضلال.
أفاقت مريم من ضعفها, وعاد اليها نشاطها, فاذا طفلها ينظر اليها نظرة العطف والتساؤل, واذا قلبها مفعم بالذكريات الأليمة, والصور البشعة, واذا هي نهب للتفكير في ساعة لقاء أهلها وذويها.
كيف ترد على التهم التي ستنهال عليها؟! ظلت تفكّر في ذلك كثيرا, فانتابها موجة من الضيق, ونكست رأسها تحاول ابعاد هذه الوساوس عنها. قالت:{ يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيّا} يا الهي؛ أنت عليم بحالي فألهمني الرشاد, وخلصني مما أقاسيه.
كانت مريم حقا في حيرة شديدة, لا تستطيع البقاء بمولودها في هذا المكان بدون طعام, ولا تستطيع أن تعود به الى ذويها في الناصرة, ولا الى أقربائها في بيت لحم, فيرموها بالسوء, ويقذفوها بالتهم أشكالا وألوانا.
أظلمت الدنيا في عينها, وساءت الحياة أمامهما, وبينما هي في غمرة من ذلك سمعت صوتا يناديها:
يا مريم, لاتحزني!! قد جعل ربك تحتك ماء سريّا وهزي اليك بجزع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي من الرطب, واشربي من الماء, وتوكلي بعد ذلك على الله فهو نعم المولى, ونعم النصير.
سمعا مريم هذا النداء السماوي يتردد على أذنها, فكان بردا وسلاما على قلبها, أعاد اليها الأمن والثقة, وأذهب عنها الخوف والاضطراب فقامت مريم الى الجدول وشربت, وهزت بجذع النخلة وجمعت ما وقع منها من رطب, ثم أقبلت على الطفل وأشرق وجهها بمحياه, فانزاح عنها الكابوس الثقيل, وكانت قد سمعت حديث الناس حول ظهور النجم الأكبر, وتساؤلهم عن آيات ظهور المسيح المنتظر الذي بشرت به التوراة.
وبينما هي كذلك جاء يوسف النجار اليها في لهفة وحسرة, فوجدها في أتم صحة, تغسل الخرق, وتنشرها على أشعة الشمس, وقد | |
|